السبت، 27 أكتوبر 2018

قصيدة بعنوان " يا نخلتي " للشاعر المهندس محمد الخلفاوي



: (قصيدة (يا نخلتي
****************
كتبت في عمان- الاردن في شباط عام 2000 ونشرت حينها في جريدة اللواء الاسبوعية 
(ملاحظة: لقد عدت لنخلتي لكني وجدت جراحها اكثر غورا وايلاما) ..., ولولا وفائها للأرض لفكرت جديا بالرحيل
 :يا نخلتي 
-------- 
يا نخلتي سكن الجليد على الربى 
والنار بين جوانحي تتضرمُ

يا نخلتي لف السواد دواخلي 
واذا البياض بهامتي يتقدمُ

يا نخلتي والقيد عانق معصمي 
وشفاه جرحيَ لا شفاهيَ تبسمُ

يا نخلتي وانا الجريح من النوى 
وكأن جرحكِ من فؤاديَ تؤامُ

يا نخلتي وانا الغريب بموطني 
واليوم أوطن غربتي متألمُ

يا نخلتي وبعدت عنك مصائبي 
كي لا يواريك الاسى المتلاطمُ

يا نخلتي والنائبات كثيرة 
وفراق امكِ لو علمتِ الاعظمُ

يا نخلتي همس الحديث مكبل 
وحرام ان اشكو الفراق فاحجمُ

يا نخلتي وبيَ الحفيف كتمته 
وعلي ان أكتم أنينكِ أبكمُ

فأحار ان أشكو فأفرح شامتاٌ 
والوذ في صمتي وحقك يهضمُ

وبي المقاصل في الخفاء نصبتها 
وحكمت ما ضاقت بسجنيَ تعدمُ

يا نخلتي حسبوني هاجر دجلتي 
ابدا و حقك تاهمي يتوهمُ

يا نخلتي عبثا اعيش مهاجرا 
بعد الوصال ارى حبالك تُصرمُ

في بعض ليلي كم ألمً مخاتلا 
نوم المشيح وغايتي لا يعلمُ

أو أغفُ في طوفان همًك غارقا 
ليفز طيفك في الخيال يداهمُ

وتئن من لكمات هجرك اضلعي 
فيثور في جوفي الفؤاد يدمدمُ

وتجول فيً خواطر لو تعلمي 
بعض الخواطر تجري فيً كما الدمُ

يا نخلتي ان المصاب مصابنا 
شعب يضام وحاكم لا يرحمُ

فتصبري والصبر بعض صفاتنا 
سيعيب طولكِ مَن بجنبكِ يُقزمُ

ان الحجارة تستثار شراسة 
مادمت في زهوٍ وعذقك متخمُ

يا نخلتي وتريني اهلك في الهوى 
ان الهوى املٌ وشيئٌ مبهمُ

فترفقي و تقبليه هديتي 
قلبي اليك مع الشمائل يُنسمُ

صدقا سئمت فراقكم وحياتنا 
يا نخلتي بدم المغرًب اقسمُ

أمل اللقاء ترينه في ناظري 
صبراً يجف وعبرة تستسلمُ

يا نخلتي هل تقبلين شراكتي 
فليَ البكاء ومنك من يترنمُ

وليَ السواكب في الخفاء حشاشة
فوق الخدود وليليَ المتجهم

وبيَ القوافي الجامحات بخافقي 
نظمي اليك وما لغيرك انظمُ

يا نخلتي لم يبقَ فيً بقية 
-غير الهوى- دمع وقلب مكلمُ

فلبست خارطة العراق لاننا 
متشابهان على المدى نتقسمُ

فانا تكتفني الهموم بغربتي 
وهو الذي يمسي ويصبح يُلجمُ

وهو القنابل تستفز ترابه 
وانا بصدري تستفيق الاسهمُ

وانا الذي اغفلت سطوة دهره 
وهو الذي لا زال فيه النومُ

وهو الذي ضم الحسين ترابه 
وانا الذي في السبط ذاك المغرمُ

وانا الذي بصماتي في شطآنه 
وهو الذي في القلب نبضا يختمُ

وهو الذي تسقي دمائي ارضه 
وفراته في عمق جرحي بلسمُ

وعضضت ابهامي فظل مؤشرا 
طورا يعاتب ثم طورا يندمُ

عذراً ثمار العز طال فراقنا 
حولي ذئاب وفي جوارك ارقمُ

يا نخلتي وغدوت مغزل حائكي 
راحات دهرك كيف شاء فيبرمُ

ولعل روحي يستزاد عنادها 
دوما يواثبها الغرام فتهزمُ

وكأن قلبي قد تعهد واثقا 
ألا يواطن غربة ويأقلمُ
----------------------------
وقصة القصيدة :في ذلك الشتاء العماني وبينما كنت اعمل في ذلك الوقت في ورشة لي خاصة بالتبريد الصناعي(تبريد المصانع) مقابل الباب الرئيسي لمدينة سحاب الصناعية ومنزلي يقع خلف المدينة الصناعية بعدة كيلومترات في منطقة اسمها (الرجم الشامي الغربي) حيث لي اهل وعشيرة , وكنت احبذ المشي على الاقدام قبل الغروب قاصدا منزلي , مرورا بالحارات والمناطق الهادئة والتي تقع على بعض التلال الصغيرة كما تحيط بها طبيعة بدوية وريفية ساحرة في آن , في ذلك اليوم القارص وبعد عبوري احد الحارات تكشفت لي بعض التلال المتشحة بالبياض الثلجي الناصع ,وقد لبست اشجار الزيتون المتناثرة حول التلال ملابس عرسها
فدارت اسطوانة الذاكرة والحنين ومشاعر مختلطة لا استطيع كتابتها او التعبير عنها بكلمات ,كانت اماكن وازمنة وابرياء واهل   وجياع و ......
فوجدتني اكلم نخلتي وبصوت مسموع لي وكنت احسبها تسمعني رغم ما بيننا من مئات الاميال وحدود مغلقة بوجهي حينها .. كانت الكلمات تنساب بسلاسة كانها تتسابق مع دموعي التي جعلتني انسى البرد وقرصاته .......
وما ان وصلت المنزل سارعت لاحضر قلما وورقة وفنجانا من القهوة واخذت اكتب جل ما خاطبت به نخلتي المكلومة ...
-------------------------------------------------------
المهندس محمد الخلفاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق