مقال
في أصول الحوار
/ 8 /
صديقي يسأل: و هل يكون الحوار أحيانا ضربا من العبث الذي لا طائل منه؟ كيف و متى يكون ذلك؟
قلت: البديهيات و المسلمات و الثوابت و المرتكزات التي أجمع أفراد المجتمع الواحد على قبولها [أي الأعم الأغلب من الناس قد قبل بها] فهذه حتما لا تقبل فتح باب الحوار فيها من جديد، ذلك أن هذه التي ذكرتها لكم كانت قبل أن تصل إلينا قد قتلها أصحاب العقل و الفكر و الثقافة آنذاك بحثا و دراسة و تقليبا لوجهات النظر فيها، حتى إذا تبين لهم أنها لا تقبل الجدل، تواضع عند ذاك الجميع على قبولها و الأخذ بها و التسليم بصحتها و العمل بمقتضاها، و اعتبار أن كل من يعود ليفتح باب الحوار فيها إنما هو مغرض و أنه يحمل أجندات يريد بها أن يشق وحدة المجتمع و تماسكه!
و تزداد مسألة عدم فتح باب الحوار في المسلمات و المرتكزات، تزداد قوة و صلابة و مصداقية حين يتبين للناس جميعا أن تلك الثوابت قد كان لها عبر تاريخ المجتمع دورا حضاريا رائدا، و أنها تحمل في طياتها بذورا للعطاء و النماء و الازدهار.
أيها السادة و السيدات:
إنكم لو عدتم و تصفحتم و أمعنتم النظر في كل دعوة للحوار في مسلمات أثبت التاريخ صحتها! لوجدتم و أدركتم أن من يقف وراء تلك الدعوة لا يعدو أن يكون ممن يردد كلاما بطريقة " ببغاوية " و أنه لا يفقه شيئا مما يدعو إليه و أنه يتكلم بغباء و سذاجة أو أنه يستصغر بمكر منه عقول الناس و يدعوهم للحوار في أمور قد كان الناس قبل تسليمهم بصحة تلك البديهيات قد عارضوها بشدة و عنف و رفض و تعنت ثم ما لبثوا أن أذعنوا رغما عنهم لصحتها و القبول بها.
- و كتب: يحيى محمد سمونة -
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق