طيَّاتُ العَبير
إلى (صِنِّينَ) والسَّفْحِ النَّضيرِ
وما تُخفيهِ طَيَّاتُ العَبيرِ
وما سِرٌّ حَديثُ الروضِ عنّا
ولا بِدعٌ حِكاياتُ البَخورِ
سَلِ الأَنسامَ كم حَملت إلينا
وكم عادت بِأنفاسِ العطورِ
فنحن النافِحونَ الوردَ نَشْرًا
ونحن الناشرون سَنا البدورِ
نَدِيُّ الشِّعرِ والحُسنُ المُنَدَّى
تَرانيمُ الخُلودِ مدى العُصورِ
****
إلى الوادي الخَضيلِ وضِفَّتَيْهِ
وما يُخْفيـهِ مِن سِرٍّ خَطيرِ
صَباحاتٌ سَقى (صِنِّينُ) فيها
خُدودَ الوَرْدِ بالدمعِ النَثيرِ
بَكى الجُلْنارُ وَجْدًا بالأَقاحي
فَغارَ الفُلُّ سُلطانُ الزُهورِ
تُرى للفُلِّ يا (زَحْلَ) اشتِياقي
أَم الأَشْواقُ للعَذْبِ النَميرِ؟
إذا دارت بِهِ الكأسُ انتشَيْنا
!فَهل دارت علينا بالخُمورِ؟
يُساقينا المَساءُ على نَداها
فَيَنْسَفِحُ الصباحُ على النُّحورِ
إلى غُرَرٍ على أَبْراجِ دَوْحٍ
تَراخَتْ دونَهَا هِمَمُ النُّسورِ
يخُامِرُها، إذا ماسَتْ أَصيلًا
غُـرورٌ، يالَمَيْساتِ الغَرورِ
فَغُصْنٌ عانَقَ الجَوزاءَ زَهْوًا
وغُصْنٌ مُسْتَحِمٌّ في الغَديرِ
وغُصْن ٌيحَضُنُ العُـشَّاقَ غَضًّا
كما حَضَنَ الغَضى زُغْبَ الطُيورِ
طُيورُ الحُبِّ ما أَحلى لُغاها
وما أَنْدى تَسابيحَ العَبيرِ
،إلى أَحضانها مِ الحَرِّ فِئْنا
وحُجْرُ الأُمِّ أَولى بالصغيرِ
تَخِذْنا مِن حَناياها مَلاذًا
يَقينا كَيْدَ لافِحَةِ الهَجيرِ
****
إلى الزَحْلِيَّةِ العَينَينِ تَزهو
بِلِينِ القَدِّ والنَّهْدِ الغَريرِ
تَناثَرَتِ الطُيوبُ على خُطاها
وزُفَّتْ بالنَّدِيَّاتِ الزُهورِ
كَعَابٌ إِثْرَها الأَجْفانُ تجَري
غَيارى، يا لأَجفانِ الغَيورِ
إذا ضَنَّتْ بِلَيْلاهُ اللَّيالي
يَبُثُّ ضَناهُ أَمواجَ الأَثيرِ
ولو أَنَّ الصُخـورَ لها قُلوبٌ
لأَدْمى الوجْدُ أَجفانَ الصُخورِ
****
إلى الزَحْلِيَّـةِ السَمْراءِ شَوقي
فقد أَذْكَت مَشاعرُها شُعوري
وفاضَت رُوحُها أُنْسًا وقُدْسًا
على رُوحي فَفاضَ بها سُروري
كَأَنّي في جِنانِ الخُلْد طَيرٌ
يَرِفُّ عَلى الجَداولِ والقُصورِ
غَرُمْتُ بها غَرامًا ليس يُنسَى
ولا يُسلى على كَرِّ الدُهورِ
أَحِنُّ إلى أَحاديثِ العَشايا
وساعاتِ التَلاقي والحُبورِ
أُجاذِبُها الحديثَ ولستُ أَدْري
أَنَجْمٌ أم مَلاكٌ في الدُثورِ
أَحاديثٌ يَفوحُ المِسكُ منها
كَعَرْفِ النَدِّ غامَ على الحُضورِ
فَما وَجْدي عليها وَجْـدُ خَبٍّ
ولا غَمْرٍٍ ولا غُرٍّ غَريرِ
ولا لهَوًا؛ ومِثلي ليس يَلْهو
أَنا يا (نِعْمُ) ذو الحُبَّ الكَبيرِ
***
وخِلا نٌ أَحِنُّ إلى لِقاهم
وكم حَنَّ الغريبُ إلى سميرِ
بُزاةُ الشِعرِ أَربابُ المَعـالي
أُلُو الأَلبابِ والفِكرِ المُنيرِ
أَحَبُّ الـناسِ أَقْربُهم لنفسي
بهِم أُنْسي ومجَلسُهم حُبوري
سَقَيْتُهُمُ شَرابَ الوِدِّ صَفْـوًا
بِلا كَدَرٍٍ وصُنْتُ لهم ضَميري
وهُم أَهلُ الوِدادِ وناصِِروهُ
إذا الأيّامُ ضَنَّتْ بالنَّصيرِ
***
إلى (وادي العرائش) يا زماني
أَعِدْني ساعةً أَو كُنْ سَفيري
وعَنّي غَنِّ جَارَتَه شُجوني
فَفيها طُلْتُ وامْتَدَّتْ جُذوري
فَأَثمرَ حُبُّها شِعْرًا نَفيـسًا
قَلائدَ عَسْجَدٍ غُمِستْ بِنورِ
تُرَدِّدُهُ ثُغورُ الخُلدِ نَشْـوى
ويُهْديهِ العَبيرُ إلى العَبيرِ
مَسارِحُ للظِباءِ تَرَكتُ فيها
فُؤادي هائمًا بين الخُدورِ
يَبُثُّ جَواهُ مُبْتَرِدًا لِيُطفي
ضِِرامَ الوَجْدِ بالظَبْيِ الغَريرِ
تَناءيْنا؛ كَذا الأقدارُ تُلْقي
بِكَلْكَلِها على الصَبِّ الحَسيرِ
****
فَوا شَوقي إلى (الوادي) صَباحًا
وزَقْزَقَةُ الطُيورِ على الثُغورِ
وهَرْوَلَةِ المَها وبهِنَّ قَلبي
كَسيرٌ، يا َلأحلام الكَسيرِ
يَرِفُّ على الذُرا حينًا وَحينًا
يَنامُ بَنفسَجًا فوقَ َالصُدورِ
ظِباءٌ كُنَّسٌ يَنفُرْنَ خَوفًا
رئِامًا راعَها رَفُّ الصُّقورِ
يُقَبِّلُهُنَّ ثَغْرُ الفَجْـرِ عَـنّا
وتَلْثُمُهُنَّ أَنداءُ البُكورِ
وإنْ شِبْنا .. لنا قَلبٌ كَبيرٌ
يَطوفُ بهِنَّ كالطِفلِ الصَغيرِ
الشاعر عبد القادر الأسود
أشكر إدارة المجلة على التفضل بالنشر
ردحذف