وجه من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم.
منقول عن د. حمدي المارد حفظه الله ونفعنا بعلمه
لماذا لم يرد أيّ خطاب لسيدنا المسيح عليه السلام في القرآن الكريم يقول فيه كما قال الأنبياء والرسل: "يا قوم"!!؟؟
نشر أخي وصديقي الأستاذ "بهجت شريف" من بغداد هذا المقال الجميل الذي أعجبني وأحببت أن يطلع عليه قراء صفحتى وهذا نصّه: من بلاغة القران الكريم، الذي أكدّ انّ عيسى عليه السلام ليس له قوم ! يا لها من دقة لغوية متميّزة تتجلى في كتاب الله تعالى: في قصص الأنبياء نجد أن كثيرًا من الأنبياء خاطبوا قومهم بكلمة يا قومِ. فقال الله على لسان نوح عليه السلام: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ)الأعراف :59,وقال تعالى على لسان هود عليه السلام:(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ)هود:50.وقال تعالى على لسان صالح عليه السلام :( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) هود:61. وقال تعالى على لسان لوط:(وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) الأعراف:80. وهكذا حال الأنبياء.فموسى عليه السلام ينادي قومه في كثير من الآيات بقوله:(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) البقرة:54 يقصد بني اسرائيل، وكما نعلم أن موسى أُرسل لبني إسرائيل.. ولكن ماذا عن عيسى وقد أُرسل إلى بني إسرائيل أيضاً؟ فقد أختلف الحال معه عليه السلام، فليس هناك أيّ آية في القرآن ورد فيها (عيسى)، أو(المسيح) لم يرد بعدهما خطاب ( يا قوم).. فكان يخاطبهم بقوله: (يا بني إسرائيل) دائما من دون أنْ يقول:(يا قوم). ,;وكذلك(وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ)المائدة: 72 . وقال أيضًا : (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ )الصف: 6...وهكذا في كل القرآن لا نجد ذكرًا لقوم عيسى! والآية الوحيدة التي ذكر فيها سيدنا عيسى مع كلمة (قوم)،هي: (وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)الزخرف: 57. وكلمة (قَوْمُكَ) هنا لاتدلّ على قوم عيسى، بل قوم محمد صلى الله عليه واله وسلم، لأنّ الخطاب في هذه الآية للنبي الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه سلم!!! أي أن عيسى ليس له قوم! فماهو السرّ؟ حتى عندما تحدث القرآن عن السيدة مريم أم المسيح نسبها إلى قومها.. قال تعالى:(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا) مريم: 27،ولكن المسيح عليه السلام لم يُنسب لأي قوم في القرآن، لأنّه ليس له قوم مثل بقية الأنبياء والمرسلين فمن المعروف أنّ نسبة الإنسان تكون دائماً لأبيه، فالأب ينتمي لقبيلة أو قوم أو بلد.. وكذلك فإن الابن ينتمي لنفس القبيلة أو القوم أو البلد. فسيدنا نوح ينتمي لأب من قومه ولذلك نُسب إليهم، وسيدنا إبراهيم ينتمي لأبيه آزر من قومه فنُسب إلى قومه...وهكذا.وهنا نتساءل: لمن ينتمي سيدنا المسيح؟ طبعًا لاينتمي لأي قوم لأنه وُلد بمعجزة وجاء إلى الدنيا من غير أب!! ولذلك من الخطأ أن يقول المسيح لبني إسرائيل: (ياقوم)!! وكان لابدّ أن يناديهم بقوله: يا بني إسرائيل.. وهذا مافعله القرآن. ولم ترد أيّ آية شذّت عن هذه القاعدة. لو تحدثنا بنفس المنطق وطرحنا السؤال التالي: ماذا عن آدم عليه السلام ونحن نعلم أنه جاء من غير أب ولا أم بل خلقه الله من تراب، هل ذكر القرآن (قوم آدم)؟ بالتأكيد لا يوجد أي ذكر لقوم آدم، فلو بحثنا في القرآن كله لا نجد أي آية تتحدث عن قوم آدم، بل الآيات تتحدث عن بني آدم وهذا من دقة القرآن الكريم وإحكامه. إذاً جميع البشر لهم قوم باستثناء نبيين كريمين : آدم وعيسى عليهما السلام. وسؤال جديد: هل أغفل القرآن هذه الحقيقة: حقيقة عيسى وآدم؟ أكيد لم يغفل، فقد ذكر القرآن هذه الحقيقة في آية كريمة يقول تعالى فيها: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران: 59 هذه هي الآية الوحيدة في القرآن التي يجتمع فيها اسمي آدم وعيسى معًا. فانظروا إلى دقة هذا الكتاب العظيم. سبحان الله وهذه من معجزات القرآن الكريم .ولذا يجب التدبر والتفكر في آياته
ملاحظة: سيكون مقالي القادم يوم الخميس عن الفرق بين التجسس والتحسس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق