الأحد، 23 سبتمبر 2018

مقال تعريفي عن حياة ومؤلفات الشاعر والصحفي الصومالي العربي الإفريقي " محمد الأمين محمد الهادي " بقلم الكاتب \ السعيد عبد العاطي مبارك ـ الفايدي



تغريدة الشـــــــعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي


----------------------------
((( لا تفطميني عن هواك حبيبتي !! )))
الشاعر الصومالي محمد الهادي 1974 م
حـبيـبتي لاتخـجـلي منـي فلا أحـب في
عيـنيـك ذا الخـجـلا
خـجل الهوى جبن ويفقد مهجتي طعـم السـنى والشـوق والأملا
خـجل الهوى ملل لدي ومن ترى يهوى ويرغـب أن يرى المـللا
ثوري على وجـهى بحـبك مثلما تـدوي الرعـود إذا الحـيا هطلا
بـل واجهي عنـفي بعنف مثـله وصـراحـتى بصـراحـة مثـلا
لاتفـصحي لسـواي ما تخفـينه من حـب قـلبك واطرحي الوجلا
قولي بـكل جـراءة إني أحـبـك بـل فـؤادي بـحـبك انـشـغلا
بوحـي بوجـدك للذي تهويـنـه كـم من هوى بالكتم قـد قـتـلا 
" من قصيدة : لا تخجلي !! "
--------
تسمحوا لي أن ألقبه بنزار الصومال بل افريقيا فشعره يرشح حبا و غزلا و عشقا و جمالا و سحر و بيانا و حكمة تجسدة في محراب قصيدته ذات المفردات و المعاني البكر الرشيد هكذا كانت قراء تنا لعالمه الشعري المتفرد العمودي و الحر معا !!. 
" السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد " 
----- 
في البداية ان الحياة الثقافية في ( الصومال ) الشقيق ليست بمعزل عن سائر طقوس الحركة الادبية و الشعرية في وطننا الكبير و لا سيما افريقيا . 
و من ثم نجد ان الشعر الصومالي يصور حياتهم في السلم و الحرب و البدو و الحضر مع المدنية التي برزت سيماتها فاستوعبت القصيدة تجربة واقعية ، بل و كل هذا التغيير مع ملامح الحياة صورها و نقشها و غناها شاعرهم .
و من المؤكد أن هذا الشعر الصومالي يدورحول حياة القبيلة والكر والفر ومفاخرها ومساوئها ومواقعها البطولية بجانب الهجاء والغزل والحماس ووصف النخيل والجمال والمعارك الحربية والنصح والإرشاد غير أن الشاعر العربي يبدأ قصيدته في العادة بالغزل والنسيب، ولكن الشاعر الصومالي يبدؤها بمدح نفسه ويمتاز شعر هذه الفترة بأن الكلمات الأجنبية والغربية نادراً ما تظهر فيه. 
و قد ظهر العديد من الشعراء الصوماليين النابهين رجال و نساء رسخوا لثقافة جديدة شكلا و مضمونا في العصر الحديث أمثال :
من شعراء النهضة الحديثة : 
" فارح غيط علمي، وعلي حسين، وعلي أفيري، وأحمد شيخ دون ، وموسى جلال ، وجامع عمر عيسى السيد محمد عبد الله ، و محمد الهادي ، وعبد الوهاب محمد عثمان ، زكريا عمر شيخ ، شعيب يوسف ، حليمة جودان ، و شادية ياسين ، و رسان شري و غيرهم كثيرون " . 
و قدمنا عدة لقاءات شعرية صومالية سابقة حازت اعجاب المتلقي و المتذوق للشعر الصومالي الجميل من قبل .
لكننا نطوف مع الشاعر الصومالي " محمد الهادي " في هذه التغريدة .
نشــــــــأته : 
-----------
ولد الشاعر والصحفي الصومالي محمد الأمين محمد الهادي
في مدينة براوة عام 1967.
وبراوة مدينة عريقة تقع على جنوب الساحل الصومالي
وتتميز مدينة براوة بخصائص لا تتوفر في كثير من المدن الصومالية حتى تلك التي تقاسمها عبق التاريخ، ومن تلك الخصائص أنها تمزج بين الثقافة السواحيلية والصومالية والعربية، حيث يتحدث السكان اللغة البراوية التي تعتبر لهجة سواحيلية عريقة وهي بالتأكيد لغة مختلفة عن اللغة الصومالية السائدة في بقية أنحاء الصومال. لذا فقد مزجت بين الحضارة المعروفة بالحضارة السواحيلية والحضارة الصومالية.

وقد نهل الشاعر من والده هذا الكثير مما كان لديه سواء بالتلقي المباشر أو بالغوص في مكتبته الكبيرة
بدأ شاعرنا يكتب في الغزل وفي الوطنيات وفي كل المواضيع، ولم يكتف بكتابة الشعر بالطريقة العمودية بل كتب شعر التفعيلة 
وطرق أبوابا لم تكن تطرق عادة من قبل الشعراء الصوماليين. وكان يخفي الكثير مما يكتب مما لا يناسب مزاج والده ويطلعه على ما يحب من مدائح للرسول في مناسبات المولد النبوي الشريف. 
وأصبح الشعر هما يعتصره ويوقظه بالليل ويدخل عليه خلواته.
التحق شاعرنا بالعمل الإعلامي في سن مبكرة إذ لم يبلغ الثامنة عشر حين عمل كاتبا بصفة رسمية في صحيفة “نجمة أكتوبر” اليومية الوحيدة التي كانت تصدرها وزارة الإعلام. 
فصار محرِّر الشؤون الأدبية والثقافية فيها، وكانت له مقالتان في الجريدة أسبوعيًّا في الموضوعات الثقافية والاجتماعية منذ عام 1985 إلى حين انهيار الدولة الصومالية أواخر عام 1990م. 
وفي نفس العام الذي التحق فيه بالصحيفة كاتبا، تقدم ليعمل مذيعا في إذاعة مقديشو بعد إعلان حاجتها لمذيعين باللغة العربية فاجتاز اختبار الالتحاق بها وكان الأول من بين 150 متقدما، وأصبح من أبرز مذيعي النشرات الإخبارية العربية في الإذاعة وهو لا يزال في مقاعد الدراسة الثانوية. 
وقدَّم فيها برنامجه الثقافي الأسبوعي “مجلة الأسبوع” الذي كان يُعِدّه ويقدمه، ويسجل “رسالة الصومال” الأسبوعية التي كانت تبعث إلى الإذاعات العربية الشقيقة، وترقى فيها إلى موقع نائب رئيس القسم العربي في الإذاعة. 
وفي الوزارة تعرف على الشاعر الصومالي الكبير أحمد عمر الأزهري الذي كان حينها نقيب الصحفيين الصوماليين ومدير المطبوعات في وكالة الأنباء الصومالية “سونا” وتوطدت بينهما العلاقة الشعرية. 
وفي خلال هذه الفترة كتب قصائده الوطنية الثائرة. ووصل مستوى شعره إلى أن يدعى ليمثل الصومال في مهرجان المربد الشعري العاشر في بغداد عام 1989م حيث ألقى قصائده لأول مرة أمام جمهور الشعراء العرب. 
وبعدها لم يستمر المربد إذ عصفت به ما عصف بالجمهورية العراقية من أزمات أدت في النهاية إلى غزوها واحتلالها.
وبعد عامين من عمله في الصحافة والإذاعة انتدب ليلتحق بالتلفزيون الصومالي مذيعا لنشرات الأخبار العربية فأبدى قدراته في التعامل مع الشاشة الصغيرة كما أبدى من قبل في مجال الكتابة والإذاعة السمعية.
وبعد انهيار الدولة الصومالية هرب مع أسرته الكبيرة إلى ممباسا بكينيا عن طريق البحر، وفي السفينة التي نقلته إلى ممباسا كتب قصيدته البكائية “الرحيل إلى المتاهة”. 
وفي كينيا توطدت علاقته مع شعراء وعلماء شرق أفريقيا حيث اصطحبوه في زياراتهم وألف وألقى الكثير من القصائد في الكثير من المناسبات الدينية والاجتماعية وربما وجد هناك متذوقين للشعر أكثر من الصومال. وتزوج من ابن خالته في ممباسا 1992م ثم انتقل للعمل مدرسا للغة العربية للمستوى الثانوي في المعاهد العلمية في الجمهورية اليمنية.
ولكن لم يطب له المقام هناك بسبب تأخر صرف المرتبات فانتقل إلى ممباسا مرة أخرى وبدأ تجارة بين ممباسا ودار السلام بما ادخره من عمله ثم فتح محلا تجاريا باسمه في ممباسا إلا أنه رأي أن انشغاله بالعمل التجاري لا يترك له مجالا للاستزادة الفكرية والثقافية فاستجاب لأول عرض جاءه لشغل منصب مدير مركز جديد كان قد أسس في ذلك الحين في ممباسا في عام 1997م وهو أكبر مركز من حيث الأنشطة والمرفقات إذ كان يضم مدرسة ومستوصفا ومسجدا ومكتبة وشققا ومحلات للإيجار يصرف ريعها على أنشطة المركز. 
فأدارها بجدارة جعلت من المركز منارة في شرق أفريقيا بأنشطته الثقافية والتدريبية.
وأسس في ممباسا أيضا جمعية خاصة لمساعدة اللاجئين من بلدة براوة في مجال الصحة والتعليم أسماها جمعية المؤاخاة. وكان هو منسقها العام ومسئول مكتب الثقافة والفنون فيها. وقامت هذه الجمعية بعمل جليل في المجالين المذكورين. 
ولكنه انتقل إلى بريطانيا في أواخر عام 2000م حيث التحق بجامعة ميدل سيكس في لندن عام 2001م ثم تخرج منها حائزا على بكالوريا في العلوم السياسية والدراسات الدولية عام 2004م محرزا درجات عالية، كما التحق فيما بعد بمدرسة الدراسات الأفريقية والشرقية في جامعة لندن ليحصل على شهادة الماجستير في العنف والصراع والتنمية عام 2006م.
ولم يكتف الشاعر الصحفي خلال هذه الفترة بالدراسة الأكاديمية بل ساهم بشكل كبير في الحياة الثقافية العربية الصومالية حيث كان أول من أسس موقعا صوماليا عربيا إخباريا على الأنترنت تحت اسم صحيفة “المؤاخاة” عام ١٩٩٨م واستمر عامين ثم توقف لقلة المعين. 
كما شارك في تأسيس مجلة HRAAL “رؤيا” الصومالية وكان رئيس تحريرها ومصممها أيضا. كما ساهم في تحرير مجلة الجذور الثقافية العربية مع الصحفي الفلسطيني المغترب في أستراليا د. على أبو سالم. 
ولا يزال يشارك في الكثير من الأنشطة العلمية والثقافية والوطنية الصومالية من مهجره ومن بين أنشط المغتربين الصوماليين المرتبطين بالوطن والمهمومين بهمومه.
والشاعر إلى جانب ذلك يجيد مهارات عدة منها التصميم الغرافيكي وتصميم مواقع الانترنت وكتابة الخط العربي وكان عضوا في “نقابة الصحفيين الصوماليين”، وعضوا كذلك في “اتحاد الصحفيين الصوماليين المستقلين” الذي أنشئ بعد انهيار الدولة، كما شارك في الكثير من المؤتمرات السياسية والثقافية في الوطن العربي وفي المهجر أيضا.
من مؤلفات الأدبية: 
------------------------
1. عبير الأبد (شعر)
2. نقوش على جراح الوطن الذبيح (شعر)
3. توقيعات عاشق (شعر)
4. أشواق وأذواق (شعر)
5. لعينيك ياقدس (شعر)
6. لا تفطميني عن هواك حبيبتي (شعر)
7. غابات من العنبر (شعر)
8. ليل الأشباح (قصص قصيرة)
9. حاج عيسى (رواية)
10. قصة حب (رواية)
11. الشعر العربي الصومالي (دراسة ضائعة)




مقالات منشورة:
هناك عدد كبير من المقالات المنشورة في الصحافة الصومالية والعربية تعدت المئات في الشؤون السياسية والاجتماعية والأدبية والثقافية منذ 1985م حتى الآن. ويتعذر هنا إيراد عناوينها.
أوراق وبحوث :
 مايو 1997م بحث حول “اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر” ألقى عنه محاضرة لطلبة الدراسات الإسلامية في كلية كيساؤوني في ممباسا -كينيا
 يوليو 1998م بحث “حول اللغة العربية في أفريقيا” ألقاه في دورة طريق تدريس اللغة العربية في مركز الشيخ نورين – ممباسا- كينيا
 يوليو 2006م “جذور الأزمة الصومالية: تشخيص واقتراح للحل” ورقة مقدمة إلى مؤتمر “الوضع في الصومال: المصارحة والمصالحة وآفاق المستقبل” بالدوحة، قطر مركز الجزيرة للدراسات
 يوليو 2007م “الطريق لإنقاذ الصومال: رصد للواقع وفذلكة لمشروع المستقبل” ورقة مقدمة إلى مؤتمر “التدخلات الأجنبية ومستقبل القرن الإفريقي” نظمته الحملة العالمية لمقاومة العدوان. قطر – الدوحة
 يوليو 2006م “الصومال: صراع على حطام دولة” موقع الجزيرة.نت – ملف خاص بالصراع الصومالي
 فبراير 2007م “الصومال: رحلة في التاريخ وحقائق الجغرافيا البشرية” موقع الجزيرة.نت – ملف خاص بتاريخ الاستعمار وتوزيع القبائل في الصومال
 ديسمبر 2008م شارك مع باحثين آخرين في كتابة تقرير “القرصنة الصومالية: جذورها وتداعياتها الإقليمية والدولية” الذي أصدره مركز الجزيرة للدراسات – الدوحة
 شارك في كتابة بحث لصالح إدارة الإنماء الدولي البريطانية DfID حول وسائل الإعلام واستخداماتها في خمس دول هي الصومال واليمن وباكستان وبنغلاديش والهند. (كتب القسمين الخاصين باليمن والصومال) وسينشر قريبا باللغة الإنجليزية.
كتب:
 فبراير 2004م “معاناة الشباب الصومالي اللاجئ: مقتطفات” (باللغة الإنجليزية) مؤسسة الهجرة، لندن. طبعة مدعومة من منظمة تواصل الشباب، والمجلس الثقافي البريطاني.




مختارات من شـــعره :
---------------------- 
نعيش مع قصيدته الرائعة بعنوان " ذكريات " و قد شارك بها في مسابقة شاعر المليون و تلقها الجمهور و النقاد بقبول حسن ، حيث يتذكر فيها لحظة الميلاد و الصبا و الحبيبة و الوطن ، قبل ان يهاجر و يتغرب شرقا و غربا بعيدا عن الحضن الدافيء ، فيحن الي مقديشيو كالطائر المهاجر الذي بات يحلم بالعودة ليل نهار .
فيذكر تباريح الروح المسكونة بالشجن و نبارات الحزن فهو مصاب بعشق الديار التي كثيرا ما يرنو اليها البصر فهي تمثل و تجسد عندهم بعقرية الانسان مع رائحة الطمي الذي امتزجت مكانا و زمانا في موكب رحلة النسيان فيقول :
علي سفوح كلمانجارو(1)
ياصبـا ذكــر ايــام الصبـــا
فرنت عيني وقلبي قــد صبا
ورأيت الــبرق يزهو بالسنا
فـنما العشــق زهورا وربي
أمـطرالحـب اشتـاقا وجــوى
فكسا الخضرة قــفرا أجـدبا
والــذي كان ظـلاما حالكــــا
صار بالاشــراق نورا ماخبا
كم ذكـرنا عنـدها من معهد
ذاب دمـع العـين فيها عجبا
.. .. ..
رحلة قـمنا بـها نحو الجنوب
فصفـت منها نـفوس وقـلوب
كنت فـــيها باصطحاب العلما
في دروب الهدى نسعى ونجوب
في مغـاني كـم تمــنيت بهــــا
لوألاقي في ثنــاياها الحبـيب
فنغـــنى بـين زهـــــــــر وورد
مثلما غـنى بــذاك العنـدليب
كلما وسوس شيطان والهـوى
نذكــر الله فـنبكي ونــــتــوب
وطلعنا عندها “تـل الجـذام”(2)
فـرأيـنا قـدرة الله القـديـر
فـذكرنـا الله فـي أدغــــــــالـه
وحثثنا السير صـعـدا بالزفير
سل هناك الدرب كم طاب المسير
فانتشقنا العطر فيه والـعـبير
هاهنا وادي شجيرات الهـوى
وهنا يـجري غـدير بخـيـــــره
عجـبى منه بفكري ماانقضى
وخيالي منه حــيران حسيرة
ذكريات طوفت بي بـين بـين
وسالت من دموع المقـلتـــين
وأهاجت ما بقلبي مـن هوى
لحبيب في ضـلوع الجانبـين
فاشـتيـاقي له اوري مهجتي
وادكاري له أدمى الناظـرين
كلما طاف خيالي في الفـضا
خلتـه يخـتال بين النـيريــــــن
لم أزل أذكـره منـذ ارتحـل
عن عيوني وفؤادي قـد حلل
يرشق السهم فيسبي خاطري
رائق المبسم حــــــوري المقـل
يارشيق الخطـو مـــهلا هكذا
حـورالعـينيى أصمى وقــــتل
يـامدلا بخـطـاه فـوقـــــــــــنا
خطوك اليوم حمي القلب استحل
فاغـتـفر مرعـذابي بك يــــــا
من يرينى في حماه مايجـل
لسـت أدري ياشبها بالعذاب
أو انت الماء ام انت السراب
في سماء الحب هل انت الذي
ان دعاك الصب ترمي بالشهاب
في بحار الحب هل انت الذي
اذ يعوم الصب ترغى بالعباب
واذا ماغـام أفـــــــق في السما
وارتجي الظامئ ريا من سحاب
فرقت كفك غـيـمات الرجـــــــا
فاختفي الغيم وولي ثم غــــابالهوامش
————————-
1. “كلمنجارو” جبل معروف في شرق أفريقا وهو أطول جبل في أفريقيا . [ ]
2. ” تل الجذام ” هي الترجمة العربية للكلمة السواحلية ” كِلِمَا نْجَارَو”. [ ]




و يقول شاعرنا محمد الهادي في قصيدته الغزلية بعنوان " حبيبة قلبي " متغنيا بعبقرية الحب لكل معني جميل مع نهر الحياة في مصداقية :
حبــــــــــيـبة قلبي فوق كل لعـوب
بشـرق وغــــــرب شـمال وجنوب
أضـاء محياها مجاهيل مهجتي
كشـمس تبدت دون أي غــروب
عسـيلته الثغـر اللذيذ رضابـــه
وإن تبد فالأنسـام نفح طيـوب
سمائـية العينين بدرية السنى
رمتني بسهم رائـش ومصيب
أقاحية الأسنان لعس شـفاهــــــما
وخصلات شعرالرأس سيل صبيب
وأمسكت قلبي وهي تسرع بالخطى
وفي مقلتيها عاصـفــــــــات هبـوب
وفرت كفرط العقد منها ابتسامة
تبدت بثغـر مفـلـــــــــج وشـنيـب
تدغدغني بالهمس من در نظمها
تذيب فـؤادي ان ذاك نصـيبـــي
وتطلب منى أن احظ مشـاعري
وشـعري لايهـدى لأي حبـيـــب
ضروب من الأشواق تلهب مهجتي
سأسكبها في الطرس سكب لبيب
تهيـبت قبل اليوم ذكر تشـوقي
فكيف تُراني إذا أخـط وجـيبي
أغازل منها الطرف والثغر واللمى
مشوقا وماشـوقي لها بغـريـــــب
وهل أنـا إلا مسـتهام بحـبـــــها
فيـاويـح دائي من تراه طبيـــبي
فوالله إن الحـب خـيرمحاسنى
ووالله ان الحـب شـرعيـوبــــي
أرى الشوق يشكوه المحبون كلهم
فيـارب قرب دار كـل حبـــــــــــيب
أفـاطم ماعـندي سواك أنيـــــــسة
بليلي وصبحي في ضحى ومغيب
ولست كما تدرين في الشعر بارعا
ولكن بعض الشعر نبـض قلـــــوب
لنجواك قد أمليت ما تقـرئـيــــــنه
ومالي من شخص سواك رقيبي
أقول لطرفي في رباك تفسـحي
وللنفس من ذكراك بعدك ذوبـي
و يقول شاعرنا محمد الهادي في قصيدة بعنوان " هل تذكرين حبيبتي ؟! " و هي من شعر التفعيلة حيث يهيم بالحب و الجمال و السحر و الدلال و يذكر حلم العودة مع حنين العمر حيث ينشد التبتل في محراب الوطن و لم لا فهو العاشق المغترب طائر مهاجر ينظر شرقا و غربا الي عشه الأبدي :
هل تذكرين حبيبتي؟
أيام كنتِ صغـــيرة …
بضفيرتين.
إذ تركضين …
وراء حلم غامض وبخطوتين…
رشيقتين…
تسافرين…
إلى المدى وتحلقين…
ببهجةٍ تتطلعين…
إلى غد متفتح الأزهار
في الأفق البعيد بمقلتين…
بريئتين …
وتطل من شفتيك أغنية الحنين …
إلى الهوى.
من غير أن تدري الصبابة والجوى.
فتغردين .
وهناك فوق الأيك يصدح بلبل
حلو الرنين…
لا تعرفين …
من قد يكون…
وتصدحين …
شحرورة في لحن صوتك
حين كنت تجاوبين…
هل تذكرين …؟
حبيبتي أيام كنت صغيرة
بضفيرتين…
أيام لم يخفق فؤادك للهوى…
لم تعرفي ما الحب إلا …
حب ماما و العروسة .
وتغردين …
أنشودتين …
أنشودة في حب ماما
ثم أخرى للعروسة .
كل المواسم والفصول .
تأتي وتذهب لا تغير في الدنى إلا الحقول
حتى إذا جاء الربيع
واخضرت الأرض البتول.
وتشابكت فيها الغصون .
لتطل من عينك أغنية الحنين.
إلى فتى الأحلام إذ تتلهفين.
لا ترقدين.
تتشوقين ..
إلى رؤاه مقبلا يمحو الشجون ..
تتأهبين.
ويد الربيع تطرز الحقل الجميل.
وتعد من عينيك مائدة الضيافة للهوى…
يعطيك من أزهاره …
في الوجنتين…
كوردتين …
لذيذتين …
وعلى خدودك من جنى أثماره…
تفاحتين.
بل تحت نحرك وهو عاج نابــض …
رمانتين.
ويزيد في عينيك سحر اللهفة الحرى.
فتمتزج الصبابة بالحنين .
* ** *** ***
في الليل والمطر الغزير
يصب في البيت الحزين..
تتساءلين …
متي وأين ؟؟؟؟
فإذا بروق في السماء تضيء بين المشرقين..
وإذا أنا فوق الحصان …
كالموج في إسراعه
كالشمس وضاح الجبين…
من ذا ؟؟!!!
وترقص في فؤادك فرحة …
كالطير أطلق في فضاه.
والبشر يكتنف المحيا والجباه.
والبسمة النشوى تزغرد في الشفاه .
وعلى خدودك دمعتا فرح سخين.
وأسير نحوك أنت محراب الهوى.
أخطو إليه راجلا متبتلا…
وأمد كفي لوعتي و ضراعتي
المشبوبتين …
من الجوى.
وهناك
أشرع
في الصلاة …
---------------
ممباسا-كينيا



و نختم له بقصيدة ( أغار عليك !! ) حيث يبث لواعج الشوق و الأشواق محترقا مجسدا لنا نظرته الي الحب و الجمال مع ظلال الحياة فيغار علي حبه لكل قيمة و بقعة تأثر بها فهام بها و ترنم علي أطلالها مع تلك العيون و الجفون تمثيلا للرمزية المتسامية و المتدفقة كشلال نور مع الأفق يبث شعوره بين الزهور في حبور و سرور بكافة منطق الفنون ، كالطائر المغرد حول ضفاف الطبيعة يرسم لوحته بأنامل فنان يمتلك القدرة اللغوية و البلاغية معا فيقول :


أغـــــــار علـــــيك مـــن همــس الجفـــــــــــــون
ومـــــــن نجــــــــوى العـــــيون إلى العـــــــيون
ومــــــن نـــــــبض الفـــــؤاد ومــــن خيــــالي
ومـــــن همــــــسي المــــجــــــنح بــــالحنــــين
ومـــــــن وحـــــي الشعــــور ومــــن زهــــــور
تنـــــاجي الطــــرف بـــــالهــمــس الحنـــــون
ومـــــــن نـــــايــــي ومــــــن قيـــــثار لحـــنى
ومـــــــن نــــغمات مـــــــزهري الحــــــــــزين
ومــــــن شعـــــري ومــــــن كراس نـــثــــــري
نــــــديم الشجــــــو مــــنطــــــــلق الفنــــــون
ومــــــــــن بــــــــدر الســــــماء إذا تنــــاغــى
مــــــــع الحســــــن المنـــــقب بـــــالفــــــــتون
وتــــــغريــــــد الـــــبلابــــــل حــــين تــــشدو
بـــــلحن الحــــــب مــــــن فــــــوق الغصـــون
فــــتبـــدع في الهــــــوى أحـــــلي الأغـــــاني
لتأســـــــــر منــــــــــك منطـــــقة اللحــــــــون
ومــــــــن حلمي إذا شاهـــــــــدت فـــــــــيها
خيــــــــالا منــــــــك منــــــــشرح الجـــــــبين
ومــــــــــن طيـــــفي إذا ما جــــــاء يـــسعى
بــــــــــجنح الليــــــــل في شــــوق دفــــــــين
لكــــــــي يـــلقــــــاك في مهـــد الأمـــــــــاني
ويـــــــــطوي بـــعــــــد مــــا بـين السنــــــين
غبـــــطــــت القلــــب أن يــــهـــــواك حتـــــى
حسبـــــــــت هــــواي نــــوعــا مـن جـــنوني
و بـــــادلت الفـــــؤاد هــــوى وشــــــــــوقـــا
فكــــــان الوصــــــل خاتــــــمة الشــــــــــئون
سقــــــــت عينـــــــاك أوصــــــالي خمـــــــورا
معـــــــتـقـــــــة كــــــينـــــــــبوع مــعــــــــــين
ثــــــــــــملت بــــــها فـــــــصرت بـــلا شعــور
ســـــــوى مــــا بي مـــــن السكــــــر المبـــين
هـــــــواك هــــو الحقيـــــقة في حيـاتــــــــــي
ومـــــــعتقــــــدي بـــــــذي الدنيـــــا وديـــني
أجــــــــــاهر بـــــالهــــــوى وأكـــــاد أخـفي
بــــــإعـــــلاني عــــــن الســـــــــر المصــــون
فـــــــــينشـــــلني مــــــن الأوهـــــام حتــــى
أعيــــــــش الحـــــب في عـــــين اليـــــــــقين
وأنــــــــفى عــــــن هـــــوانــــا أي ريـــــــب
لنحــــــــيا في ربـــــــــى حــــــــب مـــكــــين
رويــــــــدك أن هـــــــــــــــذا القلــــــــب واه
ولا يـــــــــــقــــــوي علــــى مــــر الأنـــــــين
وأخـــــــش أن تـــــــفاجئـــــــني الليـــــالي
بـــــــــعصف الريـــــــح مــن بــعـد السكون
وأن أضحـــــــــــــى علي قــــــــفر جـــــديب
بــــــــعيــــد الخصـــــب والعيــــش السمــين
أخــــاف أخـــــاف مــــــن دنــــــيا ذئــــــاب
ومـــــــــــن أنيـــــــاب ذا الـــــدهـــر الخـئون
ومـــــــن أمــــــواج بـــحـــــر عــــــاتيــــات
يــــهـــــد عتــــــوها خشــــــــب السفــــــين
ومــــــــــن مـــــــحل تشــــــح بــه سمـــــاء
تســـــــــــح الآن بـــــــــــالمطـر الهـــــــتون
أخـــــــــــاف إذا تـــــباعــدت الليـــــــــــالي
وخــــــــــان الدهــــــر أن لا تــذكــــريـــــني
فهــل أصحــو مـــــن الأحـــــلام يـــــــــوما
لألقى الـحب بـــــعضـــا مـــــن ظنـــــــوني؟




هذه كانت تغريدة شعرية تأتي من العمق الافريقي من " الصومال " حيث تجسد ملامح المجتمع و تشرح قضاياه المتناثرة بين أرث حضاري ، و حاضري جمالي له دلالات الكلمة الشاعرة .
من شاعر فنان و اذاعي أنه الشاعر الاعلامي الصومالي " محمد الأمين محمد الهادي " الذي امتلك وجه الكلمة المشرقة . و من ثم حمل في جعبته و غربته هموم و أحزان و آمال و طنه الذبيح معه ، في خريطة الذكريات ، شاديا شرق و غربا بعبقرية المحبوبة و الوطن المسافر معه بنبضه و همساته ، و في واقعه و خياله ، و رسم مسارت مستقبله من خلال واحة الحب بلغة أصيله منقوشة بالمعايير الفنية يحسها كل متذوق .
فشعره غزلي وطني اجتماعي ديني اصلاحي ، و قد صنع من ملامح رؤية شخصية هذا الانسان الافريقي العربي هنا منذ لحظة التكوين فشعره سلسلة فرط حنين و غزل و عشق لا تستطيع ان تترك القصيدة بل الديوان دون ان تنتهي منها لفيض جمالها وروعة تصويرها و تدفق المعاني و الاخيلة في صور راقية متباينة متدفقة دائما .
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق